في ظــــــــ سورة طـــــــــه ـــلال

  • سورة طه من السور المكيه فى القرآن الكريم ونزلت بعد سورة مريم وترتيبها فى النزول الخامسة والأربعون أما ترتيبها فى المصحف الشريف فهى العشرون وعدد آياتها 135 آيه كلها مكيه فيما عدا الآيتين 130 و131 فهى مدنيه.                                                              

    تتميز سورة طه كما القرآن المكى بالإيجاز اللفظى الذى يعبر عن أشياء كثيره فى جمل قصيره كما أن بها موسيقى باطنيه مذهله لا تشعر بها إلا أثناء التلاوة و لا تملك إلا أن تطرب وأن تسمعها أو تتلوها كما أنها تحتوى على مشاهد كامله مؤثره وألفاظ و ومصطلحات مختلفه مثل طه و الوادى المقدس طوى وعصا موسى و يوم الزينه وجنات عدن  والسامرى و لا مساس و الشفاعه والكثير من الحكم والأدعيات والمشاهد الموجودة بها هى مشاهد رائعه تعبر عن جلال الخشوع لله وتلقى الفيض الربانى فى وادى طوى حين وصله موسى ليرى الضوء الساطع فى ظلام البرية الموحشه وركوعه بين يدى الله عزو جل كما بها مشاهد موسى واخيه هارون فى بلاط فرعون تكاد تراهما وأنت تسمع الايات وهى تتلى  منتصبين فى وجه الطاغيه و مشهد يوم الزينه ووقوف السحره صفا أمام موسى وهم يتحدونه بالسحر وخوف موسى من سحرهم الذى تأثر به مثل كل الموجودين لولا وحى الله له بألا يخاف وان يلقى عصاه لتلقف ماصنعوا وسجود السحره لجلال الله وعظمته لإدراكهم أن ما ما قام به موسى ليس من أعمال السحر ولكنه من عمل المولى القدير القادر  و مشهد إسراء موسى ببنى إسرائيل وشق البحر بعصاه ومشهد رجوع موسى بعد أن علم بكفرهم وعبادتهم للعجل الذى له خوار وإمساكه بلحية اخاه هارون وتعنيفه له وهو يظن أنه لم يتبع تعاليمه فى غيابه وحواره مع السامرى الذى صنع العجل من الحلى المسروقة من أهل مصر ولعل أعجب ما قرأت عن العجل الذى له خوار هو أن هذه الحيله كانت معروفه لدى الأقدمين فى الأزمان الغابره وإليكم هذه القصه عن قصر غمدان فى اليمن الذى كان بناؤه فى القرن الأول للميلاد وهو قصر فخم عظيم من القصور التى كانت تتميز بها اليمن فى الأزمان القديمه وبالتحديد فى زمن الحضاره السبئية والحميريه حيث وصف هذا القصر ( الهمدانى ) و ( ياقوت الحموى ) حيث كان يرتفع إلى عشرين طابقا و كل طابق يرتفع حوالى عشرة أذرع عن الطابق  السابق له أما أعجب ما فى هذا الوصف هو الآتى   كانت على أركان الحجرة العلوية بالقصر أربعة أسود من نحاس مجوفه رجلا الأسد فى الدار ورأسه وصدره خارجان من م<�ȳ> </�ȳ>القصر وما بين فيه ومؤخره حركات مدبره فإذا هبت الريح فدخلت أجواف الأسود سمع لها زئير كزئير الأسد ... هاهى الحيله التى فتنت بنى إسرائيل وجعلتهم يعبدون العجل الذهبى و ربما تعلم السامرى هذه الحيله من الكهنة المصريين وقت أن كان بنى إسرائيل محبوسين فى مصر فإنه لمن الغريب أنه قد  وجد فى متون برديات سيوه لمعبد آمون كيف كان الكاهن الموكل بآمون يقف وراء التمثال ويحرك ذراعيه اى ذراعى التمثال  بحبال أو أدوات موصولة به حينما يحضر أحد الأشخاص إلى المعبد لإستشارة الأله آمون كحيلة من حيل الكهنه على قدرة الصنم على السماع والإجابه وبل وفى بعض الأحيان كان الكاهن قادر على ان يتحدث باطنيا بدون أن يحرك شفتيه على أساس أن الأله هو الذى يتكلم !! و تتابع سورة طه بعد ذلك فى وصف مشهد نسف الصنم وتحطيمه بواسطة موسى والذى تتميز شخصيته طوال السوره بالتسرع والحيوية الفائقه وحدة الغضب و قنوطه ويأسه من بنى إسرائيل وهو يعاتبهم على عبادة العجل من دون  الله !                                                                                   

    تتوالى بعد ذلك الآيات القرآنية فى سورة طه لتقفز بنا من قمة إلى قمه  فبعد أن قص الله على نبيه أنباء ما قد يسبق نكاد نبدأ فى رؤية مشاهد من يوم القيامه ورهبة الوقوف بين يدى الله عز وجل فى هذا اليوم العصيب إننا نكاد نرى انفسنا واقفين فى هول هذا اليوم وقد عنت منا الوجوه وتقطعت منا الأنفاس وإنخفضت الأصوات وتضرعت قلوبنا بالدعاء والتضرع لرحمة الرحمن الرحيم ثم نأخذ بعد ذلك مثلا من قصة آدم عليه السلام الذى نسى ولم يكن له عزما و بداية الصراع مع إبليس الذى حذر الله آدم منه ( إن هذا عدو لك ولزوجك فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى ) ننتقل من هذه الأمثوله بعد ذلك إلى قمة رائعة من الأبتهال و التسبيح ولعلها من اقوى الايات التى تتوالى فى صورة أوامر إلهية لرسوله الكريم وهو يمنحه القوة والصلابه والرضى ليس من خلال المال أو السلطان أو النفوذ ولكن من خلال الأبتهال والتسبيح الدائم لله عز وجل ( ومن أناء الليل فسبح وأطراف النهار لعلك ترضى )

    إن إيقاع الآيات فى سورة طه إيقاع يبدأ من اللحظة الأولى إيقاعا متسارعا تكاد تلهث وراؤه طوال الوقت ولا تستطيع أن تتوقف إلا مع نهاية السوره وعندها تدرك مدى القوه المذهله التى تتملكك بعد أن تنسكب المعانى داخل نفسك حقا إن قراءة هذه السوره من الأعمال المبهجه للنفس وهى ومن حكمة القدير أنها قد نزلت فى مطلعها مبهجة لنفس الرسول عليه الصلاة والسلام مسرية عنه ورافعة عن كاهله عناء الإيذاء والشقاء الذى كانت تلاقيه نفسه الشريفه من كفار ومشركى قريش .

     

  • Facebook Twitter Google+


© Copyright 2015 Algazaly association powered by TD.COM.EG