موسوعة السيرة الشريفة ف 24 : : تاريخ بناء الكعبة والبعد الثالث للكعبة

  • أسْرَار السَيرَةِ الشَرِيفَة- منهج حياة

    الجزء الثاني: من ولادة الرسول حتى مبعثه –صلى الله عليه وسلم 

    الفصل الرابع والعشرون

    تاريخ بناء الكعبة

    والبعد الثالث للكعبة

    تاريخ بناء الكعبة باختصار

    رأينا في الفصل السابق قصة اعادة قريش بناء الكعبة، وكانت هذه هي المرة الثالثة التى تم فيها بناء الكعبة، لأن المرة الأولى هي بناء آدم للكعبة، ثم المرة الثانية التى قام بها ابراهيم، والتى كان فيها طول البناء حوالى المترين، وكانت بلا سقف، وكان لها بابان، باب يدخل منه الحجيج، وباب يخرجون منه

    بناء ابراهيم للكعبة 

    ثم المرة الثالثة هي هذه المرة التى بنتها قريش، والتى رفعت فيه البناء الى حوالى تسعة أمتار، وجعلت لها سقفًا، ورفعت بابها عن الأرض، بحيث يصعد اليها بسلم، ولا يدخل اليها أي شخص، ولكن يدخل اليه فقط الذي تريد قريش أن تدخله

    قريش لم تجد الأموال الحلال الكافية لإعادة البناء بالكامل

    ولكن قريش لم تجد الأموال الحلال الكافية لإعادة البناء بالكامل، لأنهم كانوا قد شرطوا على أنفسهم ألا يدخل في أموال بناء الكعبة الا المال الحلال فقط

    وقف فيهم رجل من قريش اسمه "أبو وهب بن عمرو" وقال: يا معشر قريش، لاتدخلوا في بنائها من كسبكم إلا طيبا، لايدخل فيها مهر بغي، ولا بيع ربا، ولا مظلمة أحد من الناس

    والعجيب أن يكون هذا هو تفكير مجتمع جاهلي كافر، وتجد الآن كثير من المسلمين لا يتورعون عن ادخال المال الحرام الى بيوتهم

    اتفقت قريش على هذا، ولكن الأعجب أن المال الطيب الحلال كان قليلًا جدًا بحيث لم تستطع قريش أن تكمل البناء، وهكذا تم البناء ناقصًا، ووضعت قريش علامة تدل على هذا الجزء الناقص، وهذه العلامة هي سور أو حائط من الحجر على شكل قوس، أو شكل نصف دائرة، وأطلقت عليه اسم "الحجر" لآنها حجرت عليه، أي جعلته من الحجر، وأطلق عليه بعد ذلك "حجر اسماعيل" وأطلق عليه "الحطيم"

    ويقول الرسـول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في حديث للسـيدة عائشـة "يا عائشة لولا أن قومك حديث عهد بجاهلية، لأمرت بالبيت فهدم، فأدخلت فيه ما أخرج منه وألزقته بالأرض، وجعلت له بابين بابًا شرقيًا وبابًا غربيًا" يعنى يعيده على نفس ما كان قد بناه عليه ابراهيم

    كان الرسول يريد بناء الكعبة كما بناها ابراهيم

    بناء الكعبة في عهد ولاية "عبد الله بن الزبير بن العوام"

    ثم تصدع بناء الكعبة بعد ذلك في عهد ولاية "عبد الله بن الزبير بن العوام" للحجاز نتيجة رمي مكة بالمجانيق أثناء الصراع على السلطة، فقام الزبير بهدم الكعبة وأعاد بنائها على الوصف النبوي، أي بنفس الشكل الذي بناها عليه ابراهيم عليه السلام، استنادًا للحديث الذي روته خالته السيدة عائشة عن الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فأدخل الحجر في البناء، وجعل لها بابين: بابًا شرقيًا وبابًا غربيًا، والصقهما بالأرض، بحيث يدخل الناس من بابا، ويخرجون من الآخر

    اعاد عبد الله بن الزبير بناء الكعبة على الوصف النبوى

    فلما قتل "الزبير" وأصبح "الحجاج" واليًا على الحجاز لمدة ثلاثة سنوات، أرسل الحجاج الى "عبد الملك بن مروان: وهو الخليفة في ذلك الوقت بالتعديل الذي أحدثه ابن الزبير، فاعتقد "عبد الملك" أن "ابن الزبير" فعل ذلك برأيه، فأمر بهدم الكعبة واعادة بنائها على الشكل الذي بنته عليه قريش، فأخرج الحجر مرة أخري، وجعل لها بابًا واحدًا ورفعه عن الأرض

    فلما سمع بعد ذلك "عبد الملك بن مروان" بحديث عائشة، ندم على ذلك، وفكر في أن يهدم الكعبة مرة أخري، ويعيد بنائها كما بناها الزبير، على الوصف النبوي، وكما بناها ابراهيم واسماعيل –عليهما السلام-

    واستشار "عبد الملك بن مروان- الإمام مالك في ذلك، فكان رأي الإمام مالك ألا يفعل هذا، حتى لا تذهب هيبة البيت

    بناء الكعبة في عهد "محمد على"

    وهكذا ظلت الكعبة بهذا الشكل، حتى سنة 1040 هجرية، عندما اجتاحت مكة سيول عارمة، فأغرقت المسجد الحرام، حتى كادت تصل المياه الى سقف المسجد، وسبب هذا ضعف بناء الكعبة، فقام "محمد على" والى مصر في ذلك الوقت، بارسال أمهر العمال، والذين قاموا بهدم الكعبة، واعادة بنائها، بنفس الشكل الذي بنته عليه قريش، ولا يزال هو البناء الموجود الآن

    بناء محمد على هو البناء الموجود الان 

    محمد على

    هدم الكعبة في آخر الزمان

    أما آخر هدم للكعبة، فسيكون في آخر الزمان، قرب قيام الساعة، لحديث الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-الذي رواه البخاري ومسلم

    "يخرب الكعبة ذو السويقتين من الحبشة" والحبشة هي "أثيوبيا" الآن و"ذو السويقتين" السويقة: تصغير الساق، يعنى وصف هذا الرجل أنه نحيف وصغير الساقين

    اخر هدم للكعبة سيكون في اخر الزمان

    البعد الثالث للكعبة

    وأحب هنا أن أقول أمرين، الأول: لا أريد أن يكون هدم الكعبة واعادة بنائها مدخلًا للوسوسة الشيطان، لأن الكعبة حين اراد أن يهدمها أبرهة اهانة لها، لم يمكنه الله تعالى من ذلك، بل أهلكه وعذبه بمعجزة باهرة

    وحين ستهدم في آخر الزمان، فان ذلك سيكون أمرًا عظيمًا هو من علامات الساعة وقيام القيامة

    وأقول لمن سيعاصر هذا الوقت أن الكعبة ليست هي هذا البناء الذي نراه، بل الكعبة هي قطعة الأرض المقام عليها بناء الكعبة، مضافًا اليها "الحجر" وهذا البناء هو –ما نطلق عليه الآن- البعد الثالث للكعبة، ولذلك يقول تعالى في سورة البقرة ((وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ القَوَاعِدَ مِنَ البَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ(( ومع ذلك فهذا البناء له أيضا قدسيته العظيمة، وله هيبته، ولكنه يكتسب قدسيته وهيبته ليس لأنه الكعبة ذاتها، ولكن لمجرد أنه البعد الثالث للكعبة

    وهذه خصوصية للكعبة ليست لغيرها من أي بناء في العالم، لأن أي بناء نقول أن هذا هو المبني، وهذه هي قطعة الأرض المبنى عليها هذا المبني، أما الكعبة، فنقول أن هذه هي الكعبة، وهذا البناء هو البعد الثالث للكعبة

    *********************************

    الأمر الثاني: هو أن اخراج قريش للحجر من الكعبة، حين قصرت بهم النفقة الطيبة عن استكمال البناء، ومتابعة البناء على ذلك منذ أكثر من أربعة عشر قرنًا ونصف القرن، هو من ترتيب الحق –سبحانه وتعالى- حيث مكن ذلك المسلمون في أن يدخلوا في داخل الكعبة عندما يدخلون في الحجر

    اخراج قريش للحجر مكن المسلمون من دخول الكعبة 

    ******************************

  • Facebook Twitter Google+


© Copyright 2015 Algazaly association powered by TD.COM.EG