سلسة قصص الحيوان فى القرآن (نملة سليمان "عليه السلام")

  •  

    أنعم الله -تعالى- على نبيّه سليمان -عليه السلام- بتعليمه لغة الطير والحيوان؛ فقد كان -عليه السلام- يفهمهم ويتحدث إليهم قال -تعالى-: (وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَـذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ)،[٢٩][٣٠] كما وأنعم الله -تعالى- عليه بملكٍ عظيم؛ إذ جعل الله -تعالى- الأرض كلها مُنقادة له، فكان له جندٌ من الإنس والجنّ والطير، وقد نظّم أعمالهم وعيّن عليهم من يمنع تطاول بعضهم على بعض، قال -تعالى-: (وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ)،[٣١] وكان -عليه السلام- قد خرج يوماً مع جنوده فمرّ بوادي النمل، وسمع نملة تنصح بني جنسها بدخول مساكنهم حتى لا يتحطّموا تحت وطأة أقدام سليمان وجنده؛ ففهم قولها وضحك لأجله، قال -تعالى-: (حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ * فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِّن قَوْلِهَا)،[٣٢] وفي هذه القصّة فوائد عدّة، ومنها ما يأتي:[٣٣] أدب النملة وشفقتها على بني جنسها: تظهر شفقة النملة على بني جنسها عندما أمرتهم بدخول مساكنهم حتى لا يتحطموا تحت وطأة الأقدام، وأمّا أدبها فقد كان بحسن ظنّها بسليمان وجنده؛ فهم إن حطّموها وقومها لن يشعروا بذلك ولن يكون عن عمَد منهم، وبذلك تكون النملة قد نفت الظلم عنهم، فهي لم تتهوّر في قولها بالرغم من الموقف المخيف الذي كانت ستَشهده، وكانت قادرة على التمييز بين الأبرار والأشرار. النهي عن قتل النمل: يظهر أنّ النمل أمّة من الأمم، يُسبّح رب العالمين بكيفية لا يعلمها إلا هو -عزّ وجل- قال رسول الله -صلى الله عليه وسلّم-: (قَرَصَتْ نَمْلَةٌ نَبِيًّا مِنَ الأنْبِيَاءِ، فأمَرَ بقَرْيَةِ النَّمْلِ، فَأُحْرِقَتْ، فأوْحَى اللَّهُ إلَيْهِ: أنْ قَرَصَتْكَ نَمْلَةٌ أحْرَقْتَ أُمَّةً مِنَ الأُمَمِ تُسَبِّحُ)،[٣٤] لذا فلا يجوز قتله إلّا إذا كان مُؤذياً أو مُفسداً، وقد ورد طريق آخر للحديث السابق أنّ الله -تعالى- أوحى للرسول -صلى الله عليه وسلّم- قال: (فَهَلَّا نَمْلَةً واحِدَةً)؛[٣٥] فدلّ قول رسول الله -عليه السلام- أنّ ما يؤذي يُؤذى ويُقتَل. تبسُم الأنبياء: كان رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- مُبتسماً في معظم أحواله، وقد كان يضحك أحياناً ضحكاً أكثر من التبسّم وأقل من أن تبدو فيه اللهاة، وعندما يتعجّب كثيراً يضحك حتى تبدو نواجذه وهذا كان نادراً، فقد روى ابن حبان عن جابر بن سمرة -رضي الله عنه- أنّه قال:(كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا صلَّى الفجرَ جلَس في مُصلَّاه حتَّى تطلُعَ الشَّمسُ وكانوا يجلِسونَ فيتحدَّثونَ ويأخُذونَ في أمرِ الجاهليَّةِ فيضحَكونَ ويتبسَّمُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم)،[٣٦] وقد تبسّم سليمان -عليه السلام- عند سماعه كلام النملة، وقد أكّد الله -تعالى- تبسّمه بقوله: (فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِّن قَوْلِهَا).[٣٧] هداية الحيوانات من آيات الله: يُعدّ النمل من أهدى الحيوانات كما ذكر ابن القيم؛ فالنمل يُدرك بالشمّ ما يدركه غيره بالبصر أو السمع، كما أنّه يتميّز بعلو همّته وجرأته على نقل ما هو أضعاف أضعاف وزنه، وتحرص كلّ نملة على المصلحة العامة فلا تختلس شيئا لنفسها دون صواحباتها، ومن ذلك الكثير من الأشياء في عالم النمل، وهذا التدبير والتنظيم كلّه بهداية الله -تعالى-

     

     

  • Facebook Twitter Google+


© Copyright 2015 Algazaly association powered by TD.COM.EG