بعث الله -تعالى- صالح -عليه السلام- نبيّاً إلى قبيلة ثمود، قال -تعالى اعْبُدُوا اللَّـهَ)،[٥] وطلبوا منه معجزة دالّة على صدق نبوّته، واختاروا صخرة صمّاء وطلبوا منه أن يُخرِج منها ناقة عُشَراء؛[٦] أي مضى عشرة أشهر على حملها،[٧] وعاهدوه على الإيمان بما جاء به إن فعل ما طلبوه منه؛ فدعا صالح -عليه السلام- ربه بذلك؛ فتحرّكت الصخرة وخرجت منها ناقة عُشَراء كما طلبوا، وأقامت بينهم مُدّة من الزمن مع ابنها الصغير بعدما وضعته، تشرب من ماء البئر يوماً ويشربون منه يوماً آخر كما أمرهم الله -تعالى- بقوله: (قَالَ هَـذِهِ نَاقَةٌ لَّهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ).[٨][٦] وكانوا في اليوم الذي تشرب به الناقة يحلبونها ويشربون من لبنها ويملؤون أوعيتهم وأوانيهم منه، وقد حذّرهم الله -تعالى- من أذيّتها لقوله -تعالى-: (هـذِهِ ناقَةُ اللَّـهِ لَكُم آيَةً فَذَروها تَأكُل في أَرضِ اللَّـهِ وَلا تَمَسّوها بِسوءٍ)،[٩] لكنّهم لمّا رَأَوا ذلك زاد عنادهم وتكذيبهم لنبيّهم، وأرادوا أن يشربوا من ماء البئر وحدهم؛ فقرّروا قتل الناقة وأمروا أشقى القبيلة بفعل ذلك، قال -تعالى-: (إِذِ انبَعَثَ أَشْقَاهَا)،[١٠] وكان صالح -عليه السلام- قد حذّرهم من قتلها أو تسبب الضرّ لها؛ فهي آية عظيمة لهم وقد ذكّرهم بنعمة سقي لبنها فلا يُقابلوا هذه النعمة التي منّ الله -تعالى- بها عليهم بالعقر، قال -تعالى-: (فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّـهِ نَاقَةَ اللَّـهِ وَسُقْيَاهَا)،[١١] لكنّهم كذّبوه ولم يسمعوا كلامه وقتلوا الناقة؛ فأرسل الله -تعالى- عليهم الصيحة من فوقهم والرجفة من تحتهم فلم يبقَ منهم داعياً ولا مُجيباً إذ قال -تعالى-: (فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُم بِذَنبِهِمْ فَسَوَّاهَا).