استمر بلال –رضى الله عنه- في رفع الأذان في مسجد الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عشر سنوات، وبعد وفاة الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذهب بلال –رضى الله عنه- إلى أبي بكر الصديق –رضى الله عنه- وقال له:
- يا خليفة رسول الله، إني سمعت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول: "أفضل عمل المؤمن الجهاد في سبيل الله"
قال أبو بكر–رضى الله عنه- : فما تشاء يا بلال ؟
قال بلال: أريد أن أجاهد في سبيل الله حتى أموت
قال أبو بكر: ومن يؤذن لنا ؟
قال بلال وهو يبكي: إني لا أؤذن لأحد بعد رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
قال أبو بكر: بل ابق وإذن لنا يا بلال
قال بلال: إن كنت قد أعتقتني لأكون لك فليكن ما تريد، وإن كنت قد أعتقتني لله فدعني وما أعتقتني له !
قال أبو بكر: بل أعتقتك لله يا بلال
* * *
سافر بلال إلى الشام، وبقي هناك مرابطاً ومجاهداً في سبيل الله، وبعد سنين رأي بلال الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في منامه وقال له -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "ما هذه الجفوة يا بلال ؟ أما آن لك أن تزورنا ؟"
وانتبه بلال من نومه حزيناً، وركب إلى المدينة من فوره، وأتي قبر الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وجعل يبكي عنده ويتمرغ عليه، وأقبل الحسن والحسين، فجعل يضمهما ويقبلهما، وقالا له:
- يا عم نشتهي أن تؤذن في السحر !
وصعد بلال إلى سطح المسجد، فلما قال "الله أكبر الله أكبر" ارتجت المدينة، فلما قال "أشهد أن لا إله إلا الله" زادت رجتها، فلما قال "أشهد أن محمداً رسول الله" بكي بلالاً، وخرجت النساء من خدورهِنَّ، فما رُؤِىَ يومٌ أكثر باكياً وباكيةً من ذلك اليوم
* * *
وعندما كان في سكرات الموت، كانت زوجته تبكي بجواره، فيقول لها:
"لا تبكي، غداً نلقي الأحبة، محمداً وصحبه"